بكيتُ و ناحَت في العِـراقِ حَمامَـةٌ
أ يا جارةً هَل تَشعُريـنَ بحالـي ؟
فلي فِي عِراقِ الخَيرِ ذكرًى حزينـةٌ
لها كُلَّمـا غابَـتْ شدَدْتُ رِحالـي
أئِنُّ و حُزني ماكِثٌ بَيـنَ أضلُعِـي
على فَـقْدِ ضِرغـامٍ سَنامِ رِجـالِ
على وَطنٍ كـانَ الفراتُ مدادَهُ
و دِجلـةُ فَـيَّاضًا بِسَـيـلِ زُلالِ
يَبيتُ و في عَينيـهِ ألـفُ حَضـارةٍ
و يصحو بأمجـادٍ و سِـفْـرِ مَعَالِ
و تَمرحُ في أفيائِـهِ الطيرُ و النَدى
يُقبِّـلُه صبحًا و ليـسَ يُبـالـي
***
بقَلبي جِـراحٌ نازفـاتٌ و خِنجَـرٌ
يُؤَرِّقُـهُ دَمْعي و عَينُ سُؤالـي
عَضَضْتُ على جُرحي مُكابَرةً فَقـدْ
أقامَ يَهوذا فـي مَضـاربِ خـالِ
أ يا جارةً قولي : فمَن أحكَـمَ الأذَى
بأرضِ المُثَـنَّى غَيرُ آلِ رِغـالِ ؟!
ضِبـاعٌ و غِربـانٌ و نـابُ مَنِيَّـةٍ
تخَطَّـفُ فُرسانًـا و طَـودَ جِبـالِ
سَلِيْهُم لِمَ الأسيافُ مَغمودةٌ، و مَـنْ
تآمَـرَ فاحتُلَّـتْ حِيـاضُ عِقـالِ ؟
سَلِي مَنْ أبادَ الصُبحَ و اغتالَ دَوحَتي
و جَفَّفَ بِئـري و استَحَـلَّ ظِلالـي
و مَن رَقصَتْ حَولَ الأُسُودِ كلابُهُـم
و مَنْ شَنقوا شَمسًـا بكَـومِ حِبـالِ
أ يُصلَـبُ صنديدٌ سَليـلُ مُحَمَّـدٍ
و يُنصَرُ دَيُّـوثٌ سَليـلُ ضَـلالِ ؟!
و تُقتَـلُ عِقـبانٌ بِغَيْـرِ جَريْـرَةٍ
لتَحكـمَ غِربانٌ بِأَمْـرِ "مَلالـي" ؟!
***
و قولـي لِمَـنْ زُورًا أَدانَ خيولَنـا
و مَن خانَ خُبزًا و استباحَ سِلالي:
تَركتَ عِراقَ الصِيْدِ في مِخلبِ الرَدى
و يَنهَـشُ لَحمِـي غـادِرٌ و مُغـالِ
فمِن دُبُـرٍ قَـدَّتْ زُليخـا قَمِيصَنـا
و مِـن قُبُـلٍ قَـدَّتْ ذئابُـكَ شالـي
فلا غَدْرُكُمْ أَوْدى بِنخلِ مَرابِـعِي
و لا أَخْمَـدَ الأعْـداءُ نـارَ دلالـي
أ يا حُـرَّةً قِـرِّي فُـؤادًا فَنَصْرُنـا
سيأتي بهِ فَجْـرٌ و أُسْـدُ نِــزالِ
ستَصهلُ خَيلُ القادِسِيَّاتِ بيننا
و يَــعلـو بِواديْــنا أذانُ بِـلالِ
فيَسجُـدُ مَأسـورٌ و تَشـدو طليقَـةٌ
و يَهـربُ مأفونٌ قَبيـحُ خِصـالِ