انتهاكات حقوق الإنسان في العراق.. بين القتل والتهجير والاعتقال
عراقية لجأت مع أطفالها الخمسة إلى سورية: نسد رمقنا من نفايات دمشق
بغداد: رحمة السالم
تعددت انتهاكات حقوق الانسان في العراق، فتارة هناك عمليات قتل عشوائية واخرى ذات طابع طائفي لتتعداها الى تهجير العوئل من مناطق سكناهم لتزيدها اعداد المعتقلين في سجون القوات الاميركية ناهيك عن سجون الحكومة العراقية والتي لا يعرف حتى الآن عددهم الحقيقي. ثم هناك ظاهرة الجثث المجهولة الهوية التي اصبحت سمة تطبع وجه العاصمة العراقية بغداد فما ان تختفي لأسابيع حتى تظهر على الساحة مرة اخرى وبطرق ابشع من سابقتها وتمارس فرق الموت والمليشيات المسلحة دورها في ترسيخ هذا الانتهاك الذي اخذ من ارواح العراقيين وتدفع كثيرين آخرين الى خارج البلاد بحثا عن ملاذا شبه امن ولو لوقت قصير. أم محمد التي هربت مع أبنائها الخمسة الى دمشق، قالت لـ«الشرق الأوسط» انهم يسدون رمقهم «من نفايات دمشق». واضافت «تمت تصفية زوجي من قبل فرق الموت قبل نحو اكثر من خمسة اشهر، وتعرضت مع ابنائي الى تهجير مستمر من منطقة الى اخرى، لتكون محطتنا الاخيرة العاصمة السورية دمشق، بعدما جمعت كل ما أملك واخذت ابنائي حرصاً على سلامتنا». وتتابع «الآن لا نملك اي مصدر رزق واطفالي صغار اكبرهم لا يتعدى عمره 11 عاماً مما يدفعني للبحث بين النفايات لأسد رمقهم»، مضيفة «لقد اتصلت بالجهات العراقية المسؤولة عن حقوق الانسان لعلها تجد حلاً لمشكلة عائلتي». نهاد الجبوري، رئيس المفوضية العليا المستقلة لحقوق الانسان، يرى ان الانتهاكات في جانب حقوق الانسان في العراق كثيرة كالاغتيالات والتهجير والقتل العشوائي، وقال متحدثاً الى «الشرق الاوسط» انه «بالنسبة الى ملف التهجير، هناك أعداد كبيرة قد هجرت من مناطق عديدة في العراق، فمثلاً عدد العوائل التي هجرت من المحافظات الجنوبية ومدينة كركوك الى محتفظة صلاح الدين وبغداد كان 10000 عائلة. اما العوائل التي هجرت من محافظة نينوى فهي بحدود 6000 عائلة، لتزيدها العوائل المهجرة الى محافظة الانبار، والتي تقدر بـ 13000 عائلة». وتابع «اما في اطراف بغداد (الطارمية وابو غريب) فقد هجر ما مجموع 6500 عائلة». وحول مسلسل الاغتيالات، اكدت الجبوري «هناك تحرك جديد للميلشيات منذ نحو اكثر من ثلاثة ايام حيث حصرنا منطقة بمسافة كليومترين بين المنصور والبجية، حيث تمت تصفية اكثر من 10 اشخاص». ولفت ايضا الى ان «هناك انتهاكات في مجال التربية والتعليم وحتى الطفولة، ناهيك من الامية وظاهرة المتسربين من المدرسة حيث بلغت اعدادهم ما بين 40 – 50 الف متسرب، واذا اردنا ان نتكلم عن حقوق الانسان في العراق فلا وجود لها ابداً».
اما حارث العبيدي، رئيس لجنة حقوق الانسان في المجلس النيابي، فيقول ان الانتهاكات التي تحصل في العراق جلها في الاعتقالات والسجون، بالاضافة الى التجاوزات التي تحدث خلال مداهمات المنازل، مضيفا «المشكلة الكبيرة هي اعداد المعتقلين والذي ناهز 40 الف معتقل، 19 ألفا منهم في السجون الاميركية و21 ألف معتقل في السجون الحكومة العراقية، بالاضافة الى ان ظروف السجون سيئة جداً».
ولفت العبيدي قائلاً لـ«الشرق الاوسط» ان «هناك خرقاً للدستور حيث هناك بعض المعتقلين لم تقدم أوراقهم خلال 48 ساعة، كما ينص الدستور وانما بقيت أوراقهم غير مقدمة لمدة سنتين واكثر ولم ترفع قضاياهم الى القضاء لحسمها، هناك مشكلة في التسجيل الجنائي لاننا لا نعرف عدد المعتقلين الحقيقي ولا اسماءهم ولا حتى اماكن اعتقالهم».
وتحدث العبيدي عن التهجير، وقال «اجد ان هناك تقصيرا تجاه هذا الملف، كنا نأمل ان تؤدي خطة فرض القانون في بغداد الى ان يعاد المهجرون الى مناطقهم، لقد طال التهجير العوائل السنية والشيعية وحتى المسيحية منها، هناك عوائل موجودة في سورية تعاني الامرين، وحتى الموجودة في العراق لم تحصل على أي غطاء عيني او مادي. وطالبنا الحكومة بأن تقوم بخطوات عملية وجادة بأن يعوضوا ولو بمعونات تعينهم على تجاوز محنتهم».